بين “كورونا” والأمل… من يربح ومن يخسر؟

كتبت نوال نصر في “نداء الوطن”:
هل فقدنا كلّ الأمل؟ “لأ في أمل”! والسؤال يفترض أن يكون بصيغةٍ أخرى: هل الأمل كبير أو صغير؟ هناك، وراء الكواليس، عملٌ كثير في العالم الذي انهمك في القرن الماضي في البحث عن علاجات جديدة في سبيل التصدي، بعلاجٍ ما، لفيروس غير كلّ الفيروسات. الصين حكت عن تطبيق علاج موجود من علاجات “روش” بنجاح في بعض حالات “كورونا” المتقدمة، والرئيس الأميركي قال، في اليومين الماضيين، كلاما كثيرا تكرر فيه إسم “روش” مرات. فهل نضع أيدينا في المياه الباردة؟ القصة الكاملة حصلت عليها “نداء الوطن” من “روش”.
المشكلة الأولى التي يواجهها لبنان هو إمساك البعض، بطرف الخيط، والشدّ فيه غير مدركين تفاصيل إمتدادات هذا الخيط وضروراته وأبعاده وأسباب وجوده. وتتأزم الأمور أكثر حين يفعل هذا “مثقفون”. “روش” قرأت البارحة تهنئات لها على أدوية قد تُشكّل الفارق وتنجي العالم من “النفق – الفيروسي”. وعادت وقرأت من فسّر كلام الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن وجود اختبار يُسرّع اكتشاف الفيروس على أنه اكتشاف للقاحٍ يعدّ معجزة. فهل ما قيل وفُسّر من هنا وهناك وما قرأته “روش”، كما قرأناه، حقيقيّ؟ هل نثق بكلّ ما قيل عن فعالية دواء tocilizumab المعروف تجاريا باسمِ Acterma الذي أعلنت الصين فعاليته في العلاج؟ وماذا عن حقيقة ما قال دونالد ترامب والذي فسره البعض باكتشاف لقاح للفيروس؟
مايا حلباوي، مديرة الشؤون العامة والسياسة الصحية في شركة روش في الشرق الأوسط، تستغرب الكلام عن اكتشافات كبيرة لكنها لا تنفي “وجود الأمل دائماً” وتشرح: “لا توجد أدلة قوية للتجارب السريرية المنشورة في شأن سلامة أو فعالية دواء “توسيليزوماب” في علاج “كوفيد 19″ ولم توافق أي سلطة حتى الآن على استخدام هذا الدواء”. تضيف “لا توجد بعد أي أدوية لعلاج “فيروس كورونا” لكننا ملتزمون، بمنظمة الصحة العالمية وأصحاب المصلحة الآخرين حسب الضرورة، لتقديم الخبرة والمشورة في شأنها من أجل احتواء الفيروس التاجي المنتشر من خلال نشر الحلول التشخيصية”.
لا لقاح إذاً، ولا دواء ثابتاً ينفع في علاج “كورونا” حتى اللحظة. لكن، ما يجب ألا يغيب عن بال أحد، أن الأمل موجود، بدليل ما ورد على لسان دونالد ترامب وفسره البعض على أنه اكتشاف لقاح فعال لكنه كان يتكلم عن طرح روش لجهاز قادر على الكشف عن وجود”كورونا” بسرعة فائقة. هذا الجهاز يُسرّع تشخيص الفيروس عشرة اضعاف القدرة على اختباره حالياً. وهذا ما سيُسرّع من الأبحاث المحيطة بالنتائج وربما اكتشاف العلاج الصائب في وقتٍ ليس ببعيد. الناس باتت “معلقة بحبال الهوا” وسؤال اللبنانيين الآن: هل ستستخدم هذه الآلة في لبنان؟ هل ستكون متاحة؟ لا ينفي إثنان وجود أحدث الآلات في لبنان، والآلة التي ستستخدم لهذه الغاية موجودة على الأرجح، وكل القيمين على الموضوع سيتابعون اليوم الموضوع أولاً بأوّل. نعود لنسأل عن سبب إعلان الصين نجاح استخدام دواء “توسيليزوماب” في حالات “كورونا” المتقدمة؟
الفيروسات التاجية (فيروس كورونا) هي مجموعة كبيرة من الفيروسات التي تُسبب أمراضاً تتراوح من نزلات البرد الى الأمراض الأكثر خطورة مثل متلازمة الشرق الأوسط التنفسية والمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة. ويعتبر فيروس كورونا المستجد سلالة جديدة لم يتمّ التعرف عليها من قبل في البشر. الفيروس إذاً مجهول. والدواء الذي قيل أنه نجح في حالات الكورونا تمّ تضمينه في خطة العلاج التشخيصية من قبل لجنة الصحة الوطنية الصينية في الثالث من آذار الجاري عبر تجربة سريرية، وهو قد يكون “نفع” في حالات، غير أن لا دليل قاطعاً بعد على نتائج باهرة أحرزه. وهذا الدواء، إكتشفته روش قبل عشرة أعوام تقريباً في علاج مرضى الروماتيزم من نوع الإلتهاب الرثوي الذي يتسبب بآلام لا تحتمل وبتشوهات في المفاصل. يومها اعتبر هذا العلاج رائداً وعزّز كثيراً من الأمل في قلوب من عانوا طويلاً من الألم. فهل سيُصار الى تتابع الإختبارات التي بدأتها الصين عليه للتأكد من إمكانية أن يكون حلاً في حالات الكورونا المتقدمة؟ يعمل هذا الدواء، بحسب مايا حلباوي، على جهاز المناعة لهذا قد ينفع في حالات الكورونا وقد لا ينفع. الأبحاث تُستكمل. والأمل لن يغيب. وتقديمات روش، التي شكّلت بارقة أمل الى الصينيين والأميركيين على السواء، ستتتابع من أجل تطوير حلول حقيقية.
نعود عشرة أعوام الى الوراء، الى يوم أطلقت روش الدواء الذي بات اليوم على كل شفة ولسان، يومها ثبت بعد دراسات جينية متمادية على مرضى إلتهابات المفاصل بأن تحولات في جينة بروتيين أنتكولين 6 قد تكون السبب في زيادة إنتاج هذا البروتيين المشجع أساساً لحصول الإلتهاب. لهذا، عمل الأطباء على تقويض إنتاج بروتيين أنتركولين 6 في علاج إلتهاب المفاصل الرثوي بدل علاج الكورتيزون الذي يخفي المرض ويقلل الأوجاع من دون أن يحدّ من فتك الإلتهاب في مفاصل الجسم. قبل عقد من الزمان، نجح دواء “توسيليزوماب” في إحداث الفرق. اليوم عاد الكلام عنه، مع فارق أن ليس مرضى إلتهابات المفاصل وحدهم المستهدفين بل كل الكرة الأرضية. لن نتأمل كثيراً لكننا نأمل. وإذا لم يأتِ العلاج من ذاك الدواء فالعمل جارٍ على نبش الأمل. وفي حين نحن نتضرع الى السماء من أجل إيجاد علاج فعال للفيروس الفتاك هناك من ينشط علمياً في هذا الإتجاه. عساه خيراً.

تواصل مع فريق المدونة

للنشر

1 + 12 =